Site icon Lebanotrend

المناصفة الطائفية في انتخابات بلدية بيروت يكتنفها الغموض ومخاوف من خلط الأوراق!

محمذ شقير-

أحدثت إحالة البرلمان اللبناني في جلسته التشريعية، اقتراحات القوانين الرامية إلى تعديل قانون البلديات لحماية المناصفة بين المسلمين والمسيحيين في المجلس البلدي لبيروت إلى لجنة الدفاع والأمن النيابية، إرباكاً في الساحة البيروتية، ورفعت منسوب المخاوف حيال التفريط بها ما لم تتوصل القوى السياسية المؤثرة في العملية الانتخابية إلى قيام أوسع ائتلاف، تأخذ على عاتقها رعايته للحفاظ على المناصفة بغياب إمكانية تعديل القانون الذي يحميها باعتماد اللوائح المقفلة.

فتعذُّر تعديل القانون أدى إلى إعادة خلط الأوراق، وتحديداً في الشارع السنّي الذي يشكّل أكبر قوة ناخبة توفّر الحماية للمناصفة، لقطع الطريق على الدعوات المطالبة بتقسيم العاصمة إلى دائرتين انتخابيتين تجتمعان تحت سقف مجلس بلدي موحد.

ويحتاج الناخبون الكبار، من قوى سياسية ونواب، إلى بعض الوقت للخروج من الصدمة ومراجعة حساباتهم والتدقيق فيها ليقرروا الخطوة التالية في ضوء تعذّر تعديل القانون الذي هو الآن في عهدة لجنة الدفاع والأمن النيابية، لأن ترحيله بإصرار من رئيس المجلس النيابي، نبيه بري، جنّب النواب النقاش الطائفي حول اقتراحات القوانين المطروحة لتعديله، مع أن إرجاء البت بأحدها، كما تقول مصادر بيروتية لـ«الشرق الأوسط»، قد يؤدي إلى تعميق الانقسام المذهبي في العاصمة، ما يهدد المناصفة.

وتبقى الخطوة التالية معلّقة على ما سيقود إليه تكثيف الحراك البلدي بداخل الناخبين الكبار من الطائفة السنية، للتأكد من قدرتهم على ملء الفراغ بما يحفظ المناصفة البيروتية.

مداولات الناخبين الكبار

ومع أن المداولات بين الناخبين الكبار ما زالت في بدايتها، وخاضعة للتشاور بين النواب السنّة والقوى السياسية واتحاد العائلات ومرجعياتها السياسية، فإن الحفاظ على المناصفة يبقى خاضعاً لتوافق جميع المعنيين على تشكيل لائحة ائتلافية، بالتعاون مع الثنائي الشيعي والأحزاب والتيارات السياسية في الشطر الشرقي من بيروت، رغم أنها أجمعت على التوحد مع نواة اللائحة المدعومة من الناخبين المؤثرين في الشارع السني والثنائي الشيعي.

لا تقدم في «التوافق»

ومن السابق لأوانه التأكيد أن التوافق البلدي بدأ يحقق تقدُّماً، كما يقول النائب في حزب «القوات اللبنانية»، غسان حاصباني، فيما ينتظر الثنائي الشيعي ما سيقرره الناخبون الكبار في الشارع السني، بينما يعاود النائب فؤاد مخزومي اتصالاته في محاولة لبلورة موقف سنّي جامع، وفي حال تعذّر، لا مانع من أن يحظى بتأييد أكثرية القوى المؤثرة، خصوصاً أنه كان في عداد المبادرين لتشكيل نواة لائحة ائتلافية بتأييد أطراف تتمتع بحضور ووزن انتخابي بالتعاون مع الأحزاب والتيارات المسيحية والثنائي الشيعي، على أن يرأسها عضو مجلس الأمناء في «جمعية المقاصد»، بسام برغوت.

ويتردد أن الصدمة من جراء عدم تعديل القانون بدأت تفعل فعلها في إعادة خلط الأوراق، وصولاً إلى أن بعض المشاركين في الاتصالات لتشكيل لائحة ائتلافية، ومن بينهم رئيس الهيئات الاقتصادية الوزير السابق محمد شقير يميل للإعلان عن عدم تدخله في الانتخابات البلدية ووقوفه على الحياد، فيما يعترض رئيس جمعية «المقاصد»، فيصل سنو، على تشكيل لائحة موحّدة ويلوّح للدعوة إلى مقاطعة الانتخابات.

وكما هو معلوم، فإن الكيمياء السياسية تكاد تكون مفقودة بين سنو وبرغوت الذي ينكب حالياً على دراسة موقفه، رغم أنه كان المرشح المطروح ليتزعم نواة اللائحة الائتلافية التي تتمتع بأوسع ائتلاف سياسي من وجهة نظر القيمين على رعايتها.

قوى التغيير

وفي المقابل، يبدو أن بعض «قوى التغيير» تغرّد خارج سرب الائتلاف، وهي تتحضر، بدعم من النواب بولا يعقوبيان، وملحم خلف، وإبراهيم منيمنة؛ لتشكيل لائحة يُفترض أن تكون منافسة للائحة الائتلافية، في حال توصل القوى والتيارات السياسية ذات الثقل السني إلى تشكيل لائحة بالتعاون مع الأحزاب والتيارات المسيحية والثنائي الشيعي و«التقدمي الاشتراكي»، فيما يميل عضو تحالف «قوى التغيير» النائب وضاح الصادق لحصر اهتمامه بالمرشحين للمجالس الاختيارية من دون أن يغيب عن السباق البلدي.

لكن لا بد من السؤال عن موقف النائبين نبيل بدر وعماد الحوت (الجماعة الإسلامية)، ومدى استعدادهما للانخراط في اللائحة الائتلافية، فيما يكثر الحديث عن رغبتهما بتشكيل لائحة منافسة.

وبالنسبة إلى «جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية – الأحباش»، يقول الدكتور أحمد دباغ، المولج بالملف الانتخابي، إن الجمعية لا تضع «فيتو» على أحد لأن الجميع شركاء في الوطن، وإن ما يهمنا تحييد الانتخابات عن الصراعات السياسية. ويؤكد لـ«الشرق الأوسط»: نحن نتعاطى مع المناصفة بوصفها أولوية لا عودة عنها، ولا نساوم عليها ونطلب من الجميع، بدءاً بأنفسنا، بأن نتراجع خطوة إلى الوراء لتوفير الأجواء لقيام أوسع ائتلاف لئلا نطيح بالمناصفة التي يمكن أن تعطي ذريعة للمطالبين بتقسيم العاصمة.

لا «فيتو» من «حزب الله»

أما النائب في «حزب الله»، أمين شري، فيستغرب ما يتردد بأن الحزب يضع «فيتو» على هذا الطرف المسيحي أو ذاك، ويؤكد «أننا وحليفتنا حركة (أمل) في موقف موحّد، ونحن نتطلع إلى أوسع تمثيل من أجل تحقيق المناصفة». ويقول لـ«الشرق الأوسط» إن الثنائي يتعاطى مع الانتخابات البلدية على أنها استحقاق إنمائي بامتياز يستدعي من الآخرين تحييده عن الصراعات السياسية والتجاذبات، وأن نؤمن إيصال رئيس موثوق بيروتياً ومن أهل الاختصاص، يتجانس مع الأعضاء ويسعى للتفاهم مع المحافظ في ظل عدم تعديل القانون.

ويلفت إلى أن المطلوب تأمين أوسع ائتلاف للنهوض ببيروت اقتصادياً وإنمائياً. ويؤكد: «هذا هو موقفنا و(أمل)، وندعو لتأمين الرعاية السياسية للائحة وأن تتشكل على غرار التشكيلة الوزارية المدعومة من الأحزاب، ولا تضم حزبيين». ورأى أن الائتلاف لإنجاز الاستحقاق البلدي ولا يعني تحالفاً سياسياً.

وعليه، هل عادت الاتصالات إلى المربع الأول، وبالتالي تُترك المناصفة مهددة مع تعدد اللوائح المتنافسة، أم أن الاتصالات ستؤدي إلى تشكيل لائحة مدعومة من أوسع ائتلاف يأخذ على عاتقه الحفاظ عليها لأن الإطاحة بها تشكل تجاوزاً للخطوط الحمر وتقحم البلد في أزمة سياسية.