بيان صادر عن المجلس الإسلامي العلوي في لبنان :
إنّ المجلس الإسلامي العلوي في لبنان يُتابعُ ببالغِ القلقِ والاهتمام ما يَرِدُ تباعًا من تقاريرَ موثَّقة حول الأحداث الدامية الدائرة في مدينة حمص، ولا سيّما ما يتعلّق بالاعتداءات الواسعة التي تُنفِّذها مجموعاتٌ عشائريةٌ مسلّحة، تحت أنظار سلطات الأمر الواقع وبما يشبه التواطؤ الصريح، الأمر الذي يعزِّز المخاوف من وجود مخططٍ ممنهج لتهجير أبناء الطائفة الإسلامية العلوية المقيمين في حمص منذ عشرات السنين.
لقد بات من الواضح أنّ فبركة الأحداث والصاق التهم بأبناء الطائفة الإسلامية العلوية، ولا سيما البسطاء والعزّل من السلاح، هو نهجٌ متكرّر تؤكده تصريحات سلطات الأمر الواقع نفسها، في محاولة لتحميل العلويين مسؤولية كل حادثة تقع، بما يُشير إلى دور أجهزة خفيّة ذات خلفيات تكفيرية تسعى إلى دفع العلويين نحو النزوح القسري. وما نشهده منذ أيّام، وقد بلغ ذروته اليوم، ليس حدثًا معزولًا، بل هو حلقة من سلسلة استهدافات متصاعدة.
وقد سجّلت التقارير الميدانية خلال الأيام الأخيرة ارتفاعًا ملحوظًا في حجم الانتهاكات، منها:
1. حالات قتل وخطف استهدفت مدنيين علويين في مدينة حمص.
2. اعتداءات مباشرة على العائلات العلوية في أحياء الزهراء والأرمن والمهاجرين والضاحية وغيرها، ما أدّى إلى موجة خوف واسعة بين الأهالي.
3. تدمير وإحراق الممتلكات، بما في ذلك المحال التجارية والبسطات والسيارات، في المناطق ذات الغالبية العلوية.
4. اعتداءات نفذتها مجموعات عشائرية مسلّحة وأخرى محلية، وسط تقاعس واضح — بل وتواطؤ — من الجهات الأمنية الجديدة التي تأخّر تدخّلها أو غاب تمامًا، تاركة الأحياء مكشوفة أمام أعمال العنف.
إنّ هذا المشهد الدموي المتصاعد، وما يرافقه من فوضى أمنية وتفلّت للسلاح وخطاب كراهية يتنامى في بعض المساجد، يشكّل تهديدًا خطيرًا للسلم الأهلي ويمثّل طعنةً في صميم أيّ مشروع لبناء دولة مدنية عادلة ترعى جميع أبنائها دون استثناء. كما يثير القلق تزايد منابر التشدد والتكفير التي تنحرف برسالة المساجد عن جوهرها القائم على التقوى، لتتحوّل — لا سمح الله — إلى منصاتٍ للتحريض والفتنة.
وبناءً عليه، فإنّ المجلس الإسلامي العلوي يتوجّه بنداءٍ عاجل إلى الأمم المتحدة، والاتحاد الأوروبي، وجامعة الدول العربية، وروسيا الاتحادية، والولايات المتحدة الأميركية، وفرنسا، والمملكة العربية السعودية، وإلى كل دولة وهيئة معنية بالشأن السوري، مطالبًا بالتدخّل السريع والفاعل لوضع حدّ لهذه المجزرة التي تشهدها أحياء حمص اليوم، ولمنع انزلاق الأوضاع نحو فوضى أكبر وعنف أوسع.
نسأل الله تعالى أن يعمّ الأمنُ والأمانُ ربوعَ سوريا، وأن يحفظ أبناءها جميعًا، وأن يُعيد إلى حمص وأهلها السكينة والاستقرار في أسرع وقت.
والله وليّ التوفيق.

