خاص tayyar.org
تفتح المبادرة التي طرحها رئيس الجمهورية العماد جوزف عون الباب أمام مقاربة جديدة في إدارة الملف الحدودي مع إسرائيل، في لحظة يتشابك فيها العامل الإقليمي مع الحسابات الداخلية. فعون، عبر إعلانه الاستعداد للدخول في مفاوضات برعاية دولية، أعاد تموضع الدولة كصاحبة القرار في المسار الأمني ـ السياسي، بعيداً من ردّات الفعل التي سادت في مراحل سابقة. وتأتي المبادرة كإشارة إلى رغبة رسمية في الانتقال من منطقك الاحتواء إلى محاولة إنتاج صيغة أكثر صلابة تفرض وقفاً دائماً للاعتداءات وترسم مساراً يضمن استقرار الجنوب.
ترتكز المقاربة الجديدة على فكرة أن الحل الأمني لا ينفصل عن البعد الإقليمي، وأن لبنان لا يمكن أن يبقى خارج أي هندسة سياسية تُبحث حول مستقبل المنطقة بعد حرب غزة. لذلك، يربط عون بين تثبيت الهدوء وبين إدماج لبنان في منظومة التفاهمات المقبلة، مع التأكيد أن أي مسار سلام لا يكتمل من دون معالجة القضية الفلسطينية من باب حل الدولتين. هذه المقاربة تمنح الدولة هامشاً أوسع للتحرك، وتعيد إدراج الجيش في قلب العملية التفاوضية، بوصفه الجهة المخوّلة تولي المسؤولية عند الحدود متى توفرت ضمانات دولية حقيقية.
يتمثّل العنصر الأكثر حساسية في استعداد الرئاسة لوضع جدول زمني لتسلّم النقاط الحدودية المتنازع عليها بإشراف دولي، مما يعني عملياً إعادة ترتيب العلاقة بين الدولة والجهات المسلحة غير الدولتية بما يضمن وحدة القرار الأمني. وتوجّه المبادرة رسائل بثلاثة اتجاهات: للداخل بأن الدولة قادرة على الإمساك بالمشهد، للخارج بأن لبنان شريك في أي تسوية إقليمية، ولإسرائيل بأن مقاربة السلام ممكنة إذا توقفت الاعتداءات وتم احترام القرارات الدولية. بهذه الرؤية، يحاول عون إرساء قواعد مرحلة أكثر استقراراً تعيد إلى الدولة دورها المركزي.

