يوسف دياب –
خلطت نائبة المبعوث الأميركي الخاص للشرق الأوسط مورغان أورتاغوس، أوراق تشكيل الحكومة اللبنانية، بإعلانها رفض الإدارة الأميركية الجديدة بالمطلق تمثيل «حزب الله» فيها، وهذا ما زاد من تعقيدات عملية التأليف، وسط مخاوف من أن تعزز الانقسام الداخلي بين فريق داعم للموقف الأميركي، وآخر متمسّك بالشراكة مع «حزب الله» في السلطة ودوره داخل الحكومة والإدارات الرسمية.
ووسط التعقيدات، قال متحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية الجمعة، إن فرنسا لديها ثقة كاملة في قدرة السلطات في لبنان على تشكيل حكومة تمثل كل طوائف الشعب اللبناني. ورداً على سؤال حول الخطوط الحمراء التي حددتها الولايات المتحدة بشأن مشاركة «حزب الله» في الحكومة اللبنانية، قال المتحدث إن فرنسا تأمل أن يجد رئيس الوزراء اللبناني وسيلة لحل المأزق.
وتحدثت المسؤولة الأميركية بعد لقائها رئيس الجمهورية جوزيف عون في قصر بعبدا عن ضرورة «التأكد من أن (حزب الله) ليس جزءاً من هذه الحكومة بأي شكل من الأشكال، ويظل منزوع السلاح، ومهزوماً عسكرياً».
ويترقّب اللبنانيون كيف سيتعامل رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف مع هذه المستجدات، وما إذا كانا بالفعل قادرين على إقصاء «حزب الله» عن التركيبة الحكومية. وحمّل مصدر مواكب لمشاورات التأليف رئيس مجلس النواب نبيه برّي مسؤولية التعقيدات التي طرأت، معتبراً أن «الشرط الجديد الذي وضعه برّي في طريق الرئيس المكلّف أدخل (حزب الله) والبلد بورطة كبيرة». وقال: «لو لم يتمسّك برّي بتسمية الوزير الشيعي الخامس لكانت وُلدت الحكومة، وكان بإمكان نواف سلام إقناع المبعوثة الأميركية بقدرته على الانخراط بالإصلاحات المالية والاقتصادية وتنفيذ القرار (1701)، ولكانت الولايات المتحدة تعاملت مع هذا الواقع ولو ببعض التحفظات، أما الآن وبعد التحذير الواضح من إدخال (حزب الله) إلى الحكومة، فباتت الأمور معقّدة للغاية». وشدد المصدر الذي رفض ذكر اسمه على أن «موقف مورغان أحرج الدولة اللبنانية، وبات لزاماً على المعنيين بالملفّ الحكومي أن يأخذوا بالاعتبار الكلام الأميركي الواضح والصريح، وعدم تجاهله بأي حال من الأحوال».
وأجّلت عقدة «الوزير الشيعي الخامس» ولادة الحكومة اللبنانية التي كان يُتوقع أن تُعلن الخميس، وأُفيد بأن إصرار برّي على تسمية ثنائي «حزب الله» و«حركة أمل» للوزير الشيعي الخامس، هو الذي أطاح بفرصة ولادة حكومة العهد اللبناني الجديد، في حين رفض «التيار الوطني الحر» المشاركة في الحكومة.
وناشد رئيس «التيار» النائب جبران باسيل، الجمعة، الرئيس المكلف نواف سلام، «تصحيح المسار»، وقال: «قد وضعنا الآمال عليه ليحقق التغيير نحو الأفضل وليس الأسوأ، وهو قادر على أن يؤلف حكومته بالعدل»، مضيفاً: «في النهاية يبقى رئيس الجمهورية هو ضمانة حفظ تنفيذ الدستور»، معتبراً أن الوقت اليوم «هو للتضامن ومنع جر البلد لصدام يريدنا أن نصل إليه بعض الخارج».
ما قبل تصريح أورتاغوس ليس كما بعده؛ لأن الرسالة الأميركية واضحة وحازمة على حدّ تعبير رئيس «لقاء سيّدة الجبل» النائب السابق فارس سعيد؛ إذ إن مورغان «حددت في موقفها سياسة الإدارة الأميركية الجديدة في الشرق الأوسط، القائمة على الدعم المطلق لإسرائيل والمواجهة مع إيران وحظر نفوذها إلى أدنى درجة». وأكد سعيد لـ«الشرق الأوسط» أن «موقف مورغان الواضح والصريح بعدم مشاركة (حزب الله) في الحكومة الجديدة، يضع رئيس الجمهورية جوزيف عون، والرئيس المكلّف نوّاف سلام، أمام خيار واحد، هو إخراج كل الأحزاب من الحكومة سواء بالتمثيل المباشر أو بالمواربة، وهذا هو الحلّ الوحيد الذي ينقذ الوضع اللبناني، وعلى كلّ الأحزاب تفهّم هذا الأمر».
ورأى سعيد أن «مقاربة القوى اللبنانية كانت تقوم على قاعدة الدخول إلى الحكومة، ومن ثمّ العمل من داخلها على تحجيم (حزب الله)، أما الآن فباتوا مرغمين على عدم دخول الحكومة، وأن تكون تركيبتها الجديدة من دون أحزاب، وعندها تتألف الحكومة وتمثل أمام البرلمان، ومن يتجرّأ على حجب الثقة عنها سيتحمّل عواقب هذا الخيار»، مشيراً إلى أنه «لو تشكلت الحكومة بالصيغة التي كانت معدّة (الخميس) لكانت طارت مع وصول مورغان إلى بيروت، وإذا تمّ تجاهل الموقف الأميركي وتحدّى المسؤولون اللبنانيون تحذير الإدارة الأميركية سيكون مستحيلاً على الحكومة أن تطلّ على العالم، حتى إنها لا تستطيع أن تصل إلى قبرص».