Site icon Lebanotrend

السؤالان سيبقيان على الارجح من دون جواب..

الحوار الوطني عبارة صارت جزءا لا يتجزأ من تراثنا السياسي اللبناني، منذ مرحلة الحرب، وبشكل اكثر كثافة، في مرحلة ما بعد الانسحاب السوري من لبنان، بفعل الثغرات الدستورية المعروفة، التي تحول دون قدرة المؤسسات الدستورية على اعادة انتاج نفسها اولا، والتي تجعلها معدومة القدرة على مقاربة القضايا الخلافية الكبرى في البلد ثانيا، حتى صارت بين الحوار الوطني والدستور في لبنان إشكالية كبيرة.

فمن جهة، لماذا الحوار، طالما هناك دستور يرعى العلاقة بين اللبنانيين، أفراداً ومكونات؟ ومن جهة أخرى، ألا يعني بقاء الحوار في التداول ان الدستور فاشل وينبغي تعديله في الحد الأقصى، أو مقاربةُ الثغرات الكبيرة فيه بجرأة، في الحد الأدنى؟

السؤالان سيبقيان على الارجح من دون جواب. أما العودة الى السوابق التاريخية، فقد تساعد في تحديد الاتجاهات في المستقبل.

في الازمة الاولى التي واجهت لبنان المستقل عام 1958، لم يكن الحوار الوطني هو الحل، بل تفاهمُ الخارج على تسوية النزاع.

وفي المرحلة السابقة لحرب 1975، لم يفض اي حوار وطني داخلي بين اللبنانيين الى تفاهم يؤدي الى تفادي الكارثة الكبرى، لتقع الواقعة التي ادخلت لبنان في خمسة عشر عاماً من الحرب التي تداخلت فيها العوامل الداخلية والخارجية.

وعلى مدى كل تلك السنوات، لم تفض اي جلسة حوارية الى اي نتيجة ملموسة، لا بل اوصلت كل الحوارات الى تجدد النزاع بصورة اعنف.

وفي مرحلة ما بعد تطورات 2005، فشل حوار ساحة النجمة في آذار 2006 في تفادي حرب تموز، ومنيت جلسات الحوار التي ترأسها الرئيس ميشال سليمان بالفشل الذريع سواء في التوصل الى استراتيجية وطنية للدفاع الوطني او للنأي بلبنان عن الحرب السورية عبر إعلان بعبدا الشهير.

اما محطتا الحوار الوطني في الطائف ثم الدوحة عامي 1989 و2008 فأتتا تتويجا لتفاهم خارجي في اطار لبناني.

وفي المقابل، يعتبر كثيرون ان الدستور المنبثق عن اتفاق الطائف هو اهم بند للحوار بين اللبنانيين في المرحلة المقبلة، وطالما يتفادى المعنيون في الداخل والخارج تناول جوهر الموضوع، فحتى لو انتخب رئيس وحُلّت الازمة الراهنة، فالازمات ستبقى تتوالد وتتكاثر مع تقدم الايام والسنين.

ما سبق غير مرتبط بتطورات راهنة او زيارات خارجية مرتقبة، بل هو خلاصة اسئلة مطروحة على الساحة اللبنانية منذ زمن، وستبقى على الارجح كذلك الى امد بعيد.