Site icon Lebanotrend

الذكرى الخامسة لانفجار مرفأ بيروت: جرح لم يندمل وحقيقة لا تحتمل الانتظار (جومانا ناهض)

في الرّابع من آب، نستذكر مرور خمس سنوات على الانفجار الكارثيّ الّذي هزّ قلب العاصمة بيروت وأدمى وجدان كلّ لبناني وحرّك ضمير العالم بأسره. لحظة واحدة، السّاعة السّادسة وسبع دقائق مساءً، كانت كافية لتمحو أحياءً بكاملها، ولتترك خلفها مئات الشهداء والجرحى والمشردين والحزانى. دقيقة حوّلت المرفأ إلى كومة من الرّكام، وبيروت- عروس العواصم- إلى صرخة ألم لا تهدأ ولم تفعل حتّى اليوم.

نترحّم اليوم، بكلّ خشوع، على أرواح الشّهداء الّذين سقطوا من دون ذنب، وهم في منازلهم، أو في أماكن عملهم، أو يؤدّون واجبهم الإنساني في إنقاذ الآخرين.

نرفع الدّعاء لكلّ روح طاهرة غادرتنا في ذلك اليوم المشؤوم، ولكل أمٍّ ما تزال تنتظر بدموعها ولدها ليعود، ولكلّ أبٍ كُسر ظهره يوم وارى ابنه الثرى، ولكلّ حبيب لا تزال ضحكة حُبّ حياته تعصف من حوله. كما نرفع الصّلاة للأحياء الّذين يحملون وجعهم بصمت، بصبرٍ يائسٍ وأمل مُثقل بالخذلان وموت الضّمائر.
خمس سنوات مرّت، والوجع ذاته، والقلق ذاته، والأسئلة ذاتها تتكرّر: من المسؤول؟ من حمى تلك المواد القاتلة في قلب العاصمة؟ من سكت؟ ومن غطّى؟ ومن تجاهل كلّ التحذيرات؟ خمس سنوات، ولم تظهر الحقيقة بعد ولم تتحقّق العدالة. وكأنّ الزّمن تواطأ مع المجرم واتّفقا على النّسيان.

لكنّ اللّبنانيّين يرفضون النّسيان، ويرفضون الصّمت لأنّ الحقيقة حقّ، والعدالة ليست ترفًا واستنسابًا أو حماية للشيطان بل واجب يجب أن يُظهر الحقيقة والحقّ والعدالة والرّاحة لكلّ لبناني جُرح جسده أو عقله أو قلبه وإحساسه بهذا الحدث الجلل.

لا يمكن أن تستقيم الأوطان على أنقاض المظلومين، ولا أن تنهض المدن فوق رماد الغدر والإفلات من العقاب.
من هنا، نعيد التأكيد أنّ الألم لن يصبح عادة نتآلف معه، وأنّ الجرح لا يندمل إلا بالحقّ، لذلك نُجدّد تضامننا مع أهالي الضحايا على أمل ألّا تبقى الحقيقة شبحًا لا يطاله قانون.

في 4 آب نحن لا نُحيي ذكرى انفجار بل نُجدّد عهدًا بالوفاء، ونُشعل شمعة للعدالة، ونُكرّر النداء: نريد الحقيقة.