الديار: محمد بلوط-
يناقش مجلس الوزراء، اذا ما جرى ابطال مفاعيل كل الافخاخ قبل الجلسة، موضوع بسط سيادة الدولة على كامل اراضيه وحصرية السلاح بيدها .
ويعني هذا العنوان العريض بالدرجة الاولى وقبل اي شيء اخر مناقشة بسط سلطة الدولة اللبنانية على كامل اراضيها، وبالتالي كيفية العمل من اجل انهاء الاحتلال الاسرائيلي ووقف اعتداءات وخروقات العدو للسيادة اللبنانية برا وجوا وبحرا .
وفي الشق المتعلق بحصر السلاح بيد الدولة، تؤيد الاطراف المكونة للحكومة الاطار العام لهذا العنوان الذي ورد في البيان الوزاري وخطاب القسم للرئيس جوزاف عون، لكنها تختلف على العناصر المرتبطة والمحيطة بتنفيذه، لا سيما ان الادارة الاميركية تحاول بالضغوط التي تمارسها على الدولة اللبنانية تركيز التصويب على سلاح حزب الله دون غيره، انسجاما مع مصالح العدو الاسرائيلي .
ويعود الخلاف حول كيفية التعاطي مع موضع حصرية السلاح بيد الدولة الى ان هناك فريقا سياسيًا في لبنان داخل الحكومة يخضع كليا للاملاءات الاميركية ويمارس بدوره ضغوطا داخلية على حزب الله متجاهلا امرا اساسيا هو استمرار الاحتلال الاسرائيلي .
وعلى الرغم من عدم تضمن جدول اعمال جلسة اليوم عبارة نزع او تسليم سلاح حزب الله، بادر اطراف في الحكومة عشية الجلسة الى تفعيل الحملة على سلاح المقاومة والحزب بمؤازرة وسائل اعلام محلية وعربية خدمة للاملاءات الاميركية .
ويقول مصدر سياسي ان الاتصالات لم تنقطع في الساعات الماضية من اجل تجاوز قطوع جلسة مجلس الوزراء المفخخة اليوم، معربا عن اعتقاده في الوقت نفسه بان لا احد يريد تفجير الحكومة في الوقت الحاضر .
ويضيف ان ما يؤزم الوضع في هذه الجلسة وقبلها وبعدها هو ان الادارة الاميركية وجهات عربية يضغطون على لبنان الرسمي للتخلي وتجاوز حق الشعب اللبناني في مقاومة الاحتلال، وهو حق انساني كما ينص القانون الدولي، وبالتالي يتجاوز كل البيانات والمواقف.
لذلك فان المسألة ليست مسألة سلاح حزب الله بقدر ما هي محاولة لاجبار لبنان على التخلي عن حقه في مقاومة العدو الاسرائيلية الذي يواصل احتلال اجزاء من الاراضي في الجنوب ويستمر باعتداءاته اليومية لفرض سياسة الامر الواقع والاذلال على لبنان واللبنانيين.
واستنادا الى ما ينص عليه القانون الدولي يقول المصدر “ان حق الشعب في مقاومة الاحتلال هو حق انساني معترف به عالميا، وان القانون الدولي يؤكد ان المقاومة بجميع اشكالها هو حق مشروع للشعب الواقع تحت الاحتلال، وان سلاحها يتمتع بشرعية قانونية ولا يجوز نزعه . من هنا يتمسك حزب الله بسلاحه ويرفض فكرة نزعه او تسليمه”.
ويأخذ المصدر على مسؤولين لبنانيين واطراف سياسية “انهم يتعاطون مع مسألة حصرية السلاح بيد الدولة خارج اطار ما ينص عليه القانون الدولي وبشكل يتماشى مع المنطق الذي تحاول واشنطن ان تفرضه دفاعا عن “اسرائيل”، وان وضع شعار تسليم سلاح حزب الله في الاولوية لا يستند الى مندوجات اتفاق وقف النار والقرار 1701، ولا يراعي بل يتجاوز القانون الدولي الذي اعطى الحق لاي شعب في مقاومة الاحتلال”.
ووفقا لمنظمات اقليمية ودولية للدفاع عن حقوق الشعوب في الحرية وتقرير المصير فان حق مقاومة الاحتلال يعتبر حقا اساسيا ومعترفا به عالميا ضمن حقوق الانسان، وهذا يعني انه فوق النصوص والمفاهيم الاخرى .
مؤخرا اكد الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم اكثر من مرة ان الحزب لن يسلم السلاح لإسرائيل، فماذا يعني هذا الكلام وكيف سيترجم في موقفه خلال جلسة مجلس الوزراء اليوم؟
يقول مصدر مطلع على موقف حزب الله ان الشيخ قاسم تطرق في كلمته مؤخرا في ذكرى القيادي في الحزب والمقاومة الشهيد فؤاد شكر مجددا الى هذا الامر وقال بوضوح “ان من يطالب بتسليم السلاح يطالب عمليا بتسليمه لإسرائيل”.
وشرح احد اسباب هذا التفسير والتوصيف عندما اشار الى ما قاله الموفد الاميركي توم باراك ومطالبته بازالة السلاح الثقيل للحزب لانه يخيف اسرائيل ويمس امنها. وهذا الكلام الصريح يؤكد ان المطالبة بتسليم سلاح حزب الله اليوم يعني فعليا خدمة “اسرائيل”.
وبرأي المصدر ان هذا الواقع وهذه الحقيقة جعلتا الشيخ نعيم قاسم يركز مؤخرا على ان الحزب لن يسلم السلاح الى اسرائيل.
ويضيف المصدر نفسه ان التفسير الثاني لموقفه هذا هو محاولة الاشارة الى الفرق بين ان يكون هذا السلاح بتصرف الدولة اللبنانية وفق خطة واستراتيجية الامن الوطني وبين المطالبة او نزعه اليوم في ظل الاحتلال الاسرائيلي .
ويلفت المصدر الى انه وفق هذا التفسير فان الشيخ قاسم يريد القول ان حزب الله مستعد للتفاهم مع الدولة لبحث موضوع السلاح وفق هذا الحق والمنطق، وانه ربما اراد ان يفتح الباب للحكومة قبل جلسة مجلس الوزراء للتعاطي مع موضوع السلاح وفق هذا المسار، لا سيما ان ليس في قاموس حزب الله عبارة نزع السلاح او عبارة تسليم السلاح .
وبتقدير المصدر انه يمكن تفسير كلام الامين العام لحزب الله انه رسالة ايجابية على ان الحزب مستعد للنقاش والتفاهم مع الدولة وداخل الحكومة في شأن موضوع السلاح .
ويؤكد المصدر ان الحزب غير مستعد لبحث تسليم سلاحه في الوقت الحاضر، لانه يرى ان التخلي عن سلاح المقاومة بوجود الاحتلال الاسرائيلي والخطر الوجودي على لبنان، كما عبر الشيخ قاسم مؤخرا، يعني الاستسلام .
ويخلص المصدر الى القول ان اعلان الشيخ قاسم ان حزب الله لن يسلم السلاح لإسرائيل يتضمن جانبا ايجابيا يتعلق بسياسة فتح الباب للتفاهم مع الدولة، شرط ان لا يخضع البحث والنقاش للضغوط والاملاءات الاميركية التي تخدم العدو الاسرائيلي.