بعض ما جاء في مقال دوللي بشعلاني في الديار:
نَبَضَ قلبُ لبنان من جديد… نبضاً مُحمَّلاً بالرّجاء والسلام والإيمان، في أحد أهمّ الأيام الروحيّة والإنسانيّة إشراقاً في تاريخه الحديث. يومٌ استعاد فيه الوطن المنهك أنفاسه، يومٌ أفاقت فيه الأرواح من ركام الألم، مع استكمال قداسة البابا لاون الرابع عشر زيارته التاريخيّة في يومها الثاني، حاملاً معه رسالة لا تُشبه سواها: رسالة محبّة وشفاء ورجاء، لشعب كاد يُرهق من الأزمات، لكنه ظلّ واقفاً كطائر الفينيق على صخرة الإيمان والعيش المشترك.
كان يوم أمس عرساً حقيقياً، شعبياً وروحياً، عرساً تعانقت فيه السماء مع الأرض، وارتفعت فيه القلوب قبل الأصوات.
ففي اليوم الثاني من الزيارة البابوية، انفتحت نافذة نور فوق لبنان، فالتقت الروحانية بالإنسانية، واجتمعت الدموع بالابتسامات، ووقف الشباب في مقدّمة الحلم بقيامة وطنٍ جريح تعب، لكنه لم ينكسر يوماً.
منذ ساعات الصباح الأولى، ذلك الصباح الذي أعلنته الدولة اللبنانية عطلة وطنية رسمية (يومي الاثنين والثلاثاء) ليكون للجميع نصيب في هذا الحدث، توجّهت الأنظار والقلوب نحو المحطات البابوية، التي سيسجلها اللبنانيون في دفاتر ذاكرتهم الشخصية قبل التاريخ الوطني. صلوات تفوح منها رائحة البخور والقداسة، لقاءات مختومة ببصمة الرحمة، مصافحات تُعيد إلى البشر معنى الأخوّة، وكلمات ستظل تتردّد طويلاً، بعد أن يرحل موكب البابا عن الساحات والكنائس… لا بل عن نبض القلوب.
كان يوم أمس يوماً للصعود الروحي، يوم المصالحة مع الذات ومع الآخر، يوما اختبرت فيه الجماعة الإيمانية عمق معنى الوحدة، في وطن أثقلته الجراح، لكنه ما زال يبحث عن قيامة جديدة.
كان اليوم الذي اجتمع فيه نادراً ما يجتمع: إيمان صافٍ… إنسان مريض مجروح ومتألّم… شباب يفتّش عن نافذة ضوء ليتشبّث بأرضه… وقيادات روحية تسمع صرخة النّاس قبل كلماتهم، وتبحث عن الوحدة والحوار بين الأديان.

