Site icon Lebanotrend

الجمهور الشيعي: استفتاء لدعم المقاومة

ندى أيوب –

يأخذ الاستحقاق البلدي في الجنوب طابعاً مُختلفاً، عن انتخابات باقي المحافظات، التي أجريت خلال الأسابيع الثلاثة الماضية. ويتمثّل ذلك في فوز أكثر من نصف البلديات بالتزكية، وتعاطي الجنوبيين مع الاستحقاق في عشرات البلدات التي ستشهد عمليات اقتراع، على أنّه استفتاء سياسي، حول مدى تأييدهم للمقاومة والثنائي حزب الله وحركة أمل.
الاعتبار السياسي الذي دفع غالبية المقترعين الشيعة في محافظات بيروت وجبل لبنان والبقاع، إلى الاقتراع لصالح لوائح الثنائي أو المدعومة منه، سيحكُم اتجاه التصويت اليوم، لكن حيث توجد معارك انتخابية.

هو سلوكٌ كان متوقّعاً في الاستحقاق الأول بعد عدوانٍ إسرائيلي دمّر الجنوب، وهجّر جزءاً من أهله، ويستمر بأشكالٍ مختلفة. لأن الجنوبيين بغالبيتهم، وبخلاف حسابات العدو، لم يتأثروا بمحاولاته شيطنةَ حزب الله تحديداً، وتحريض بيئته عليه، من باب «مسؤوليته» عن الحرب وويلاتها. بل من الباب نفسه، هناك فئات شعبية جنوبية «صامتة»، لم تمنح الثنائي يوماً ثقتها، تُفكّر جدياً في التصويت له، ويُتوقّع أن ينسحب ذلك على الانتخابات النيابية بعد عام.

ذلك، لا يعني بالضرورة أن جميع من سيقترعون للوائح الثنائي، هم من المعجبين بإدارته للعمل البلدي جنوباً، حيث يسيطر على كل المجالس. وليس لأنهم مقتنعون بجميع الأسماء التي اختارها على لوائحه، بل لأنهم قفزوا فوق المآخذ الكثيرة حول التجارب البلدية السابقة، ويتصرّفون وكأنهم معنيون حصراً بإثبات تأييدهم لحزب الله، طالما أن العدو، ومن خلفه دول الوصاية الأميركية – السعودية، مستمرون في حربهم ضدّه وضدّ بيئته.

من جانبه وجد الثنائي نفسه معنياً بالدفع باتجاه التزكية في أكبر عددٍ ممكن من البلدات، لتجنّب تعريض الناخبين لمخاطر حقيقية مرتبطة بالاعتداءات المستمرة، والمُتوقّع تكثّفها خلال اليوم الانتخابي، ولإظهار أن خيار المقاومة هو الأكثر شعبية في الجنوب. (هذا لا يعني بأي شكلٍ أن جميع المرشحين في وجه لوائح الثنائي منفردين أو منضوين في لوائح هم من المعادين لبيئتهم ومقاومتها). لإنجاح التزكية، حيث استطاع، حرص الثنائي على تحسين خياراته، وضمّ إلى لوائحه غير حزبيين، وشخصيات نوعية مشهوداً لها، باعتراف معارضيه في أكثر من بلدة.

بالتوازي، طرح التفاهم مع قوى مثل الحزب الشيوعي في البلدات التي له وجود فيها. ولاقاه «الشيوعي» بحرصٍ أفضى إلى تزكياتٍ في عددٍ من البلدات، لكنّ مساعي التوافق أخفقت في بلدات أخرى، لكل منها خصوصيتها وأسبابها. ويعود فشل هذه المساعي، إما إلى اعتبار «الشيوعي» عرض الثنائي أقل مما يُقدّره لحجمه الحالي أو التاريخي، وإما إلى خلافات تنظيمية داخل الحزب والحركة و«الشيوعي»، وإما لرغبة بعض الشيوعيين في خوض معركتهم، وعدم الانضمام إلى لوائح الثنائي. وفي أحيان أخرى حرّضت مجموعات على خصومة شديدة مع الثنائي، الشيوعيين، على عدم التوافق مع الحزب.

في المقابل، ضمّت سلّة المُرشّحين المواجهين للوائح الثنائي أفراداً ناشطين في بلداتهم، منطلقين من رغبتهم في لعب دورٍ فيها، ولا سيما بعد الحرب وما فرضته من تحديات تنموية واجتماعية في كل بلدة، حيث بذل بعضهم على مدى السنوات السابقة جهوداً لتحسين أوضاع قراهم. والأهم أنهم يتمتعون بحساسية عالية في ما يتعلّق بالمسائل الوطنية، فابتعدوا عن استخدام الخطاب السياسي التحريضي واستغلال الحرب وظروفها في خوضهم للمعركة الانتخابية.

إضافةً إلى الثنائي و«الشيوعي» والمستقلّين، ضمّت الترشحيات مُعادين للمقاومة ممن حرّضوا عليها في عزّ العدوان على الجنوب. هؤلاء كان من الطبيعي ألّا يفوّتوا فرصة الانتخابات البلدية، ورفضوا أن تكون التزكية وسيلة لإظهار أن المقاومة خيار شعبي في الجنوب. كما أصرّوا على إشاعة انطباع أنهم ليسوا قلّة، من خلال تظهير أن جميع الترشيحات المواجهة للثنائي منطلقة من خلاف سياسي وطني مع حزب الله، حتى وإن لم تكن كذلك.