Site icon Lebanotrend

الأخبار: جريمة طائفية في «يوم التحرير»: مناطق العلويّين تزداد غلياناً

الأخبار: تشهد المناطق العلوية في الساحل السوري، والمنطقة الوسطى، غلياناً متصاعداً بعد جريمة طائفية فجّرت غضباً واسعاً، فيما يعمّ الإضراب احتجاجاً على الاستهداف والترهيب، وسط مخاوف من تفجّر الأوضاع.

عامر علي-

كما كان متوقّعاً، لاقت الدعوة التي وجّهها رئيس «المجلس الإسلامي العلوي الأعلى في سوريا والمهجر»، الشيخ غزال غزال، إلى الإضراب لمدة خمسة أيام، استجابة وُصفت بالواسعة، شملت المنطقة الوسطى والساحل، ولا سيما المناطق الريفية البعيدة عن مراكز المدن الكبرى، وسط مشاركة متفاوتة في المدن الكبيرة.

 

وأرجعت مصادر تحدّثت إلى «الأخبار»، هذا التفاوت إلى مخاوف انتقامية، في ظلّ الشحن الطائفي المستمر في الشارع، والذي أجّجه مقتل مواطن علوي في مدينة اللاذقية، عقب سؤال القاتل إياه عن طائفته.

 

الجريمة التي وقعت في حيّ اليهودية في اللاذقية، مساء أول من أمس، تزامناً مع الاحتفالات التي دعت إليها السلطات الانتقالية، فجّرت موجة غضب عارمة، خصوصاً بعد انتشار تسجيل مُصوّر يوثّق الدقائق الأخيرة في حياة الضحية، مراد محرز. ويُظهر التسجيل أن شخصاً سأل محرز عن طائفته، ولمّا أجابه الأخير بأنه علوي، فتح الأول النار عليه. وقضى محرز لحظاته الأخيرة مُمدّداً على الأرض، مُحاطاً بعدد من المواطنين الذين بدا عليهم العجز، في وقت كانت فيه سيارات المحتفلين تجوب شوارع المدينة الباردة.

 

وأعاد «المجلس الإسلامي العلوي الأعلى في سوريا والمهجر» نشر التسجيل المُشار إليه، وعلّق عليه بالقول: «عجزت هذه السلطة الإرهابية عن إخفاء الجريمة، فاشترطوا تسليم الجثمان مقابل الاختباء خلف كذبة «الحادث الأليم»، لكن أنطقَ الله حُكمَه على لسانه بالحقّ. لم يعد يحتاج إلى محكمة؛ يكفي أن يقول: أنا علوي، ليُقتل ويكتب شهادته بدمه ونبضه الأخير».

شدّدت المؤسسات التعليمية والدوائر الحكومية إجراءاتها في محاولة لمنع استمرار الإضراب

وبعد ساعات من إعلان وفاته، احتشد مئات العلويين الغاضبين للمشاركة في تشييع جثمان محرز، في ظلّ استنفار أمني كبير في اللاذقية. وأتى ذلك وسط مخاوف من تفجّر الأوضاع، خصوصاً مع ورود أنباء مستمّرة حول تعرّض العلويين للاستهداف الطائفي في مناطق مختلفة، من بينها سهل الغاب، حيث أُصيب شاب في العقد الثالث من العمر بجروح بليغة، إثر إطلاق مسلّحين مجهولين النار عليه في قرية الخندق. وبحسب مصادر أهلية، فإن الشاب أُصيب إصابة مباشرة في عينه، ونُقل إلى المستشفى في محاولة لإنقاذ حياته.

 

وتُبرز الاستجابة الواسعة للدعوة التي أطلقها غزال، ميل شريحة واسعة من العلويين إلى خياره السياسي، مقابل ابتعاد هؤلاء عن المسار الذي اختطّه رجل الأعمال رامي مخلوف، ابن خال الرئيس السوري السابق بشار الأسد، علماً أن مخلوف عبّر عن رفضه دعوة الإضراب، داعياً إلى «الصمت في المرحلة الحالية»، وسط تسريبات تتحدّث عن مفاوضات مستمرة يجريها مع السلطات الانتقالية.

 

وفي مقابل الزخم الكبير للإضراب في المنطقتين الوسطى والساحلية، لم تُسجّل استجابة تُذكر في دمشق، حيث تعرّض العلويون لعمليات تهجير متعمّدة من أحياء عدّة، كان آخرها حيّ السومرية. وعزا مصدر تحدّث إلى «الأخبار»، ذلك العزوف إلى «مخاوف أمنية كبيرة»، في ظل وجود عدد من الفصائل المتنفّذة التي تنفّذ عمليات مداهمة وترهيب مستمرة، من دون وجود أي سند قانوني، في سلوك «عجزت المحافظة عن إيقافه»، بحسب تعبير المصدر.

 

في السياق نفسه، أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» برصده توترات متصاعدة في عدد من المناطق ذات الغالبية العلوية، وذلك على خلفية رفض الأهالي الاحتفال بما سُمّي «عيد التحرير»، بالتوازي مع الالتزام الواسع بالإضراب الذي دعا إليه غزال. وذكر «المرصد» أنه «شوهد مدنيون موالون للحكومة السورية المؤقتة يحملون أسلحة خفيفة ويرفعون رايات «هيئة تحرير الشام» في دمسرخو والمحيط الشمالي لمدينة اللاذقية، في تحركات أثارت غضب السكان المحليين، الذين اعتبروها محاولة مكشوفة لاستفزازهم، ولا سيما في ظلّ مقاطعتهم للاحتفالات الرسمية». كذلك، دخل موالون للحكومة المؤقّتة إلى قرية تبت حنا في ريف تلكلخ في ريف حمص الغربي، حيث أقدموا على التكبير داخل أحد جوامع الطائفة العلوية في القرية، في خطوة وصفها الأهالي بأنها استفزاز مباشر، في ظلّ خلوّ القرية عن أي مظاهر احتفالية، بحسب «المرصد».

 

ومع عودة الدوام الرسمي، وفي محاولة لمنع استمرار الإضراب، شدّدت المؤسسات التعليمية والدوائر الحكومية في الساحل إجراءاتها، عبر تعميمات تُلزِم الموظفين بالدوام الكامل تحت طائلة اتخاذ إجراءات عقابية قد تصل إلى الفصل، فضلاً عن منع منح الإجازات أو التغاضي عن حالات الغياب.

 

ويأتي ذلك في محاولة لاحتواء اتساع رقعة الإضراب، الذي يبدو أن المشاركين فيه مُصِرّون على مواصلته، في إطار التعبير عن رفضهم استمرار عمليات القتل والانتهاكات والترهيب والإقصاء، والتي تنذر بانفجار طائفي واسع.