Site icon Lebanotrend

أُكلت حين أُكل الثور الأبيض (حبيب البستاني)

حبيب البستاني –

القصة الشعبية تقول أن أسداً كان يصطاد قطيعاً من ثلاثة ثيران (أحمر وأسود وأبيض) فأقنع الأسد الثيران بأن الأبيض هو من يجذب الصيادين، واقترح أن يأكله لتخلوا لهما الغابة.

ضعف الثوران أمام الأسد وسمحا له بأكل الثور الأبيض، وبعد فترة استفرد الأسد بالثور الأحمر فأكله ومن ثم أكل الأسود وانتهى الأمر بهزيمة الثيران. هذه القصة يمكن أن تُطبق على ما يجري في عالمنا العربي، حيث أن العدو يستفرد بكل دولة على حدة ليقوم بافتراسها والقضاء عليها، ذلك بإيهام بقية الدول إنما يفعل ذلك كي لا تشكل هذه الدولة أو تلك خطراً عليها.

غزة ولبنان
هذا ما حدث في غزة وهذا ما يحدث في لبنان إذ إن إسرائيل ومن خلفها راعيتها الكبرى أقنعت الدول العربية بأن لبنان ولا سيما المقاومة وغزة ولا سيما حماس قد تشكلان خطراً على باقي الدول العربية، وإنه بالتالي يتوجب على الدولة العبرية القضاء عليهما. ولكن الإيهام شيء والواقع شيء آخر، فبعد ن أقنعت الولايات المتحدة وإسرائيل دولة الحكم الذاتي الفلسطيني بقيادة محمود عباس أن حماس قد تشكل خطراً وجودياً عليها، وأنه لا بد من إزالة حماس من الوجود وهكذا وبكل بساطة بدأت عملية إزالة غزة، بحجة أن حماس هي منظمة إرهابية وتأخذ من غزة مقراً لها وتأخذ من المدنيين فيها متاريس بشرية.

ولكن اللافت في الأمر أن المسؤولين الإسرائيليين بدأوا يتحدثون عن عمليات استيطان كبيرة في مناطق الحكم الذاتي الفلسطيني أي في الضفة الغربية، وبالفعل بدأت عمليات الاستيطان هذه وبدأ العمل بتوسيع المستوطنات القائمة. وترافق ذلك مع ازدياد الحديث من قبل صقور الدولة العبرية وعلى رأسهم نتنياهو، على ضرورة تهجير فلسطينيي الضفة وذلك بالتزامن مع عمليات تهجير قطاع غزة وذلك بغض النظر أوافقت مصر والأردن على عمليات لتهجير هذه أم لا، إذ إن الدولة العبرية لن توافق على حل الدولتين ولا على حل نشؤ الدولة الفلسطينية وذلك أياً تكن الدول الداعمة لذلك، والدليل على ذلك وقوف عشر دول ضد قرار الأمم المتحدة بالاعتراف بالدولة الفلسطينية، من بينهم الولايات المتحدة الأميركية.

أما ما يحدث في لبنان فليس بعيداً عما تخطط له إسرائيل، فالولايات المتحدة التي تعمل في الظاهر أقله على تطبيق القرار 1701 القاضي باحترام إسرائيل لقرار وقف إطلاق النار ووقف الاعتداءات والانسحاب من التلال الخمس وإعادة الأسرى واحترام الحدود الدولية الجنوبية، مع ما يستتبع ذلك من حرية استخراج النفط والغاز وأخيراً وليس آخراً الموافقة على إعادة إعمار المناطق الحدودية الجنوبية، وإذا كانت الولايات المتحدة تطالب بحصر السلاح بيد الدولة مع نهاية العام 2025، فإنها لا تعطي الضمانات من أن الدولة العبرية ستلتزم بتنفيذ القرار 1701 كاملاً، وهي على ما يبدو وبحسب ما يردد أكثر من مندوب أميركي أنها لا تملك إمكانية الضغط على الدولة العبرية لتنفيذ تعهداتها.

قطر وعاصمتها تحت النار
كان لافتاً الاعتداء الإسرائيلي على العاصمة القطرية الدوحة، وذلك بحجة ضرب قيادات حماس التي تشكل خطراً على الدولة العبرية، هذا الاعتداء الذي يشكل تطوراً خطيراً لا أخلاقياً، إذ كيف يصار إلى ضرب وفد حماس المفاوض لاسترداد الأسرى وإرساء اتفاق وقف إطلاق النار بين حماس وإسرائيل؟، وكيف يصار إلى ضرب الدوحة العاصمة القطرية التي تجمعها مع إسرائيل اتفاقات تجارية يبلغ حجم التداول من خلالها أكثر من ستة مليارات دولار سنوياً؟ وأخيراً كيف يصار إلى ضرب عاصمة الدولة الثانية من حيث القوة والغنى من دول مجلس التعاون الخليجي؟ كذلك كيف يصار إلى ضرب الدولة التي تأوي القاعدة الأميركية الأكبر في الخليج (قاعدة العديد) وحيث يتواجد على أرضها أكثر من 10.000 جندي أميركي. هذه الأسئلة وغيرها ستكون على طاولة بحث قمة الدول الإسلامية والعربية المنعقدة في الدوحة.

شجب استنكار وإدانة مفردات ستخرج بها القمة وإسرائيل ماضية باعتداءاتها بغض النظر عن البيان الرسمي الختامي للقمة الإسلامية العربية المنعقدة في الدوحة وبغض النظر عن كل التصريحات التي سيدلي بها الملوك والرؤساء، فإن كل ذلك لن يرقى إلى مستوى الرد الحازم والحاسم على الاعتداء الإسرائيلي، والذي من شانه ردع الدولة العبرية عن شن اعتداءات جديدة على أكثر من دولة عربية. فإسرائيل ستستمر باعتداءاتها طالما هنالك راعِ أميركي يرعى خطواتها، وأما الحديث من أن الولايات المتحدة لم تكن تعلم فهذا يشكل إهانة للدولة الأعظم في العالم، والتي لا يمكن لا لإسرائيل ولا لغير إسرائيل من التحرك بدون معرفتها إن لن نقل موافقتها، أما القول بأنها كانت تعلم فالمصيبة أعظم إذ كيف لأصدقاء أميركا وما أكثرهم في المنطقة من أن يكونوا مطمئنين للتطمينات الأميركية والوعود بالحماية؟.

والسؤال المطروح من هي الدولة التي سيتم استهدافها بعد استهداف قطر؟ وهل من دولة تستطيع الاستمرار سيما بعدما تم أكل الثور الأبيض.