Site icon Lebanotrend

أورتاغوس وباراك: اذا عجز الجيش عن سحب السلاح تساعده إسرائيل (المدن)

لم يسبق أن كانت أجواء زيارات نائبة المبعوث الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط مورغان أورتاغوس والموفد توم باراك بالسوء أو بالسلبية التي بلغتها زيارتهما أمس للبنان، والتي طغت على اجتماعاتهما برئيس الجمهورية جوزاف عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري. من تلميحات باراك وأورتاغوس تبيّن أن هدف الزيارة لم يكن إبلاغ لبنان جواب إسرائيل على الورقة الأميركية، بل إبلاغه بأن على الجيش اللبناني تنفيذ قرار مجلس الوزراء بإعداد خطة لسحب سلاح حزب الله وتنفيذها. وإذا كان غير قادر على ذلك فإن إسرائيل جاهزة لمساعدته في القضاء على سلاح حزب الله. باراك قال أيضاً إن الولايات المتحدة تعتزم تحويل المنطقة الحدودية إلى منطقة سياحية واقتصادية وصناعية وزراعية تعمل على الطاقة الشمسية وغير قابلة للسكن.

لم يؤدِّ باراك وأورتاغوس المهمة وحدهما، بل انضم إليهما وفد من مجلس الشيوخ الأميركي يتقدمه ليندسي غراهام الذي قال ما عجز الموفدان عن قوله: “عندما يتم نزع سلاح حزب الله سيكون هناك حديث مع إسرائيل بشأن النقاط الخمس.”

تقول المعلومات إن جلسة الموفدين في بعبدا كانت عاصفة، ولم تكن أفضل حالاً في عين التينة. وحيثما حلّ الوفد الأميركي ساد جو من التوتر نظراً لاختلاف وجهات النظر بين ما يريده لبنان وما تريده الولايات المتحدة منه.

شهد يوم أمس تزامناً مريباً في مواعيد وصول الموفدين، وفود تصل قبل وفود ثم تلتقي جميعها لتعبر عن الشروط نفسها، مع ملاحظة أن الدور الأكبر في التعبير عن حقيقة الموقف أُعطي للسيناتور غراهام. ومن يراقب سياق اليوم الأميركي وتوزيع الأدوار بين الموفدين يلمس أن كلام رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو لم يكن إلا تمهيداً لزيارة باراك وأورتاغوس وغراهام.

 

لا جواب من إسرائيل

وعلى عكس المتوقع، لم يأتِ باراك بجواب إسرائيل على الورقة التي سلّمها إلى لبنان وأقرّ مجلس الوزراء أهدافها، بل عاد خالي الوفاض إلا من رزمة شروط جديدة، كان أبرزها إلزام الجيش بتنفيذ ما طلبه منه مجلس الوزراء وسحب سلاح حزب الله ضمن المهلة التي حددتها الحكومة. وتقول مصادر سياسية نقلاً عن بعض الذين التقوا باراك وأورتاغوس إن الأجواء لم تكن مريحة ولا مطمئنة، وكأن المطلوب زج الجيش في أزمة أياً كانت عواقبها.

ولم يُبدِ الوفد تأثراً بما سمعه في أيّ من المقرات الرسمية، إذ كان جوابه واضحاً: تنفيذ قرار حصرية السلاح ضمن المهلة التي أقرتها الحكومة.

الموضوع الثاني الذي تحدث عنه الموفد الأميركي وصدم المسؤولين في لبنان هو المنطقة الاقتصادية التي تنوي الولايات المتحدة التخطيط لإقامتها على الحدود مع إسرائيل من ناحية لبنان. قال باراك إن الولايات المتحدة تنوي الاستثمار في تلك المنطقة وإقامة مشاريع مدعومة من قطر والسعودية، وإن هذه المشاريع يمكن أن تستقطب ما يقارب 40 ألف مقاتل من حزب الله يمكن أن يلتحقوا بها بعد تسليم السلاح، ويتم تدريبهم للعمل في تلك المنطقة.

بالغ باراك في طروحاته إلى حدّ تأمين العمل لعناصر حزب الله أو أربعين ألفاً منهم. طرحٌ قوبل بسخرية من قبل حزب الله، الذي وعلى عكس المتوقع كان مرتاحاً إلى وضعه بعدما أثبت الموفد الأميركي هواجسه، إذ لم يحمل باراك جواباً إسرائيلياً على الورقة التي استعجلت الحكومة إقرارها، ولم يتحدث عن انسحاب إلا بعد سحب السلاح، ولم يتطرق إلى ضمانات.

من يراقب يوم أمس تصريحات الموفدين الأميركيين ينشأ لديه انطباع بأن الولايات المتحدة أطبقت على الحكومة، وعلى السلطة عموماً في لبنان، فأحرجت موقفها ولم تساندها. وليس معروفاً كيف ستتصرف الحكومة التي تبنّت أهداف ورقة لم تأخذها إسرائيل في الاعتبار. وإذا كان عون قد سبق وقال إن رفض إسرائيل للورقة أو عدم الرد عليها يعني أن لبنان في حِلّ منها، فهل سيكون بمقدور لبنان بالفعل التراجع عما أقرته الحكومة؟ وكيف له أن يتعاطى بعدما تجاوز باراك الرد الإسرائيلي ورمى كرة اللهيب في وجه الجيش اللبناني؟ وكيف سيتعاطى الثنائي الشيعي مع جلسة الحكومة المقبلة التي يُفترض أن تناقش خطة الجيش؟ هل سيحضر الجلسة أم ينسحب؟ أم إن الجيش سيحضر ليشرح ضيق الوقت وضعف الإمكانات ويبعد عن نفسه تجرّع الكأس المُرّة؟

فتح كلام باراك وأورتاغوس والسيناتور الأميركي الوضع اللبناني على مرحلة جديدة. كل الأجواء كانت تشي بعمل عدواني قريب.

والمؤكد هو أن الثنائي ليس في وارد الانسحاب من الحكومة ولا التعطيل في الوقت الراهن، في انتظار أن تجد هذه الحكومة وسيلة للخروج من الأزمة التي ورّطت نفسها بها.